… ثمة ابتلاء بظاهرة اهتزَّ لها العالم ، أطلقتْ عليها منظمة الصحة العالمية صفة الجائحة ، و إذا بها وباء بحجم 10 نمومتر، لا يُرى بالعين الجارحة . هو أو هي “كوفيد-19” ، و الذي قضى بالحجر الصحي على البشرية جمعاء ! من مزاياه ، رأيتني أتحدَّثُ مع الكتب و المراجع العلمية في إقامة “إجبارية” ، أتأملُ مغزاها ، في قفص بمنزلي بين دَفات الكتب . أوشك أنْ أجنيَ ثمار خبيئات هذه الجبلة من الأوبئة .
حدستُ أنْ يكون هذا التنقيب ولو مساهمة بالنزر القليل على قدر حجمه ، مستوْضحاً سرّاً استغفلتهُ من هذه الجائحة ، ولم أعدْ أرَ غير “كورونا فيروس” ، وهو يدنو من معاملنا و أسواقنا “المكتظة” لينقضَّ على مواطنينا . ثمَّ حرصي على تقرير الساعة السادسة مساءً و التي تحوَّلتْ إلى الساعة الرابعة عصراً من كلّ يوم في رمضان ، أمْسىَ يطْرُقُ سمعي . والعلماء تنصبُّ أبحاثهم لإيجاد لقاح لفيروس كورونا. أصبحتْ قنوات التلفزة مع وسائل التواصل الاجتماعي ، عُلباً للرُعب تحت تأثير سلطان “كوفيد-19” ، فتُحدثُ للعين ضرَراً و أرَقاً عند النوْم . سوْف يتعينُ على البشرية اختراع طريقة أخرى للعيش ، أم اكتشاف نمط جديد للحياة ، يبدَأ و ينتهي على خلفية “كورونا فيروس” . إذْ لم تُستأنفْ اليوميات الطبيعية إلا بعد حين .. و ذلك لحتمية اكتشاف لقاح لهذا “الفيروس-سارس” ، و تلك هي مهام علماء علم الأوبئة (بغض النظرعن الجنسيات ) .
هل هذا الوباء يؤثرُ على دماغ الإنسان ؟ أو الجزْء من الرئتين ؟ و هل له أعراض تظهر على الدماغ ، أم هناك ارتباك ؟ إضافة على أعراض الاختناق و السعال و الحمى . فقد يكون الأمر مُرْتبطٌ بفقدان المرجع أو أحياناً مُرْتبطٌ بنقص الأوكسيجين في الدَم . إلا انَّ بعض المرضى ، مستوى الارتباك عندهم ، يبدو أنه غير مناسب للعدوى من إصابة الرئتين ؟ و ذلك يعتمدُ على تأثير “الكورونا فيروس” على الدماغ و على الجهاز العصبي (الدكتور جينيفير فرونطيرا – طبيب الأعصاب في جامعة لاكان ب بروكلين ) . وقد بدأتْ الدراسات العلمية لظاهرة “كورونا” لتحديد أوصافها . أفاد الأطباء بعينة من 36 في المائة من مجموع 214 مريض صيني ، كان لديهم أعراض عصبية ، تتراوح بين فقدان حاسة الشمّ ، و آلام الأعصاب ، “إلى الأزمات التشاوُرية” (ترتكز على رأي أغلبية الأطباء) ، أزمات السكتات الدّماغية . و لمعالجة ما عرَّفَ منها أثناء دراستهم من لدُن الأطباء الفرنسيين ،ل 58 حالة مرضية (مرْضى) في العناية المركزة ، إذ كان يُلاحظ عليهم نوْعٌ من الخلط و الاضطراب (مجلة الطبّ-إنجلترا الجديدة ) .
الكشفُ عند الفحص ب”اسكانير” للدماغ اتضحتْ أنَّ هناك إمكانيات التهابات محتملة فيه . و قد يقال إنها مشكلة في التنفس ، وهذا يؤثر أيضاً على الدماغ ، (أندريو جوسيف سون – رئيس قسم الأمراض العصبية بجامعة كارولينا ب سان فرانسيسكو ) ، وهو أي الدماغ ، العضو المركزي في جسم الإنسان الذي منه تشعُّ طلعة الحياة المشرقة ، و العينان تشعان منهما النور . إذا كان الشخص يعاني من اضطراب في التفكير فعليه باستشارة الطبيب . ثقافة عيادة الطبيب إلى آخر نفس لم تعدْ تُجدي نفعاً . الأنف مسار إلى الدّماغ . فعلماء الوبائيات لم يفاجأوا تماماً بأنَّ “فيروس-كورونا” الجديد (سارس-كوف2) يمكن أنْ يؤثر على دماغ الإنسان و على جهازه العصبي ، لأنَّ هذه الحالة تمتْ ملاحظتها مع “فيروسات” أخرى بما في ذلك “الإيدْز” . منَّ الله على بني آدم بحاجز دم في الدماغ لحمايته ، و دوْره (الدم) منع و حجب المواد الدخيلة و المتسللة إليه ، لكن يمكن اختراقها . بيدَ أنَّ “الفيروسات” يمكن أن تؤثر على الدماغ بطريقتين رئيسيين ( ميشيل طوليدانو – طبيب الأعصاب بمصحة “مايو-كلينيك” ، ب مينيزوطا ، الولايات المتحدة الأمريكية ) .
- الطريقة الأولى : إثارة لاستجابة مناعية غير طبيعية لخلايا غير متجانسة ، تسمى ” أوراج سيطوكين” ، التي تحدث التهاباً في الدماغ وهو الجزء الرئيسي في الجهاز العصبي ، و يسمى التهاب الدماغ المناعي الذاتي .
- الطريقة الثانية : في حالة عدوى مباشرة للدماغ ، و يُطلق عليها اسم ، التهاب الدماغ الفيروسي و قد تُحدث فقدان حاسة الشمّ ، إذ الأنف يمكن أنْ يكون هو السبيل للوصول إلى الدماغ . بينما حاسة الشمّ شائعة عند كثير ممن أصيبوا ب “كوفيد-19” ، لكنْ لم يتمْ التحقق من ذلك ، لأنَّ العديد من المرضى الفاقدين لحاسة الشمّ لا يُعانون من مشاكل خطيرة في الجهاز العصبي . و لقطع الشكّ باليقين يترتب الكشْفُ عن الفيروس في السائل الشوْكي للدماغ .هذه التجربة الوحيدة كان فيها يتعلق الأمر بشاب ياباني عمرُهُ 24 سنة ، وهي الحالة التي تمَّ وصفها في المجلة العالمية للأمراض المُعْدية . لكن النص لم يتم التحقق من صحته بعد ، ثمَّ يظل العلماء على حذر من الأمر …
في مواجهة أزمة أيام “كورونا-فيروس” ، و إنْ كانت الشمس تضيء على استحياء و شعاعها يتسرَّب بين الغيوم لدَحر هذا الوباء الدخيل . فقد تشرق الشمس بإذن ربها لتنير طريق “كتاكيت” تبحث عن رزقها بين حشائش الأرض ، تحفها النباتات ، بهوائها العليل المنبعث من نسيم البحر ، وهو يُدَاعبُ أوراق الشجر بحفيفها الذي يُطرب الأذن و على أغصانها عصافير تشدو و أخرى تصدح و أخريات يُغردنَ في بساتين فيحاء من الياسمين و النرجس و القرنفل و السوْسن ، تؤثتها زرابي الذرى و القمح على رأي العين ، ألبستها ثوباً سندُسياً ، وقد انبجستْ مياه فرات من الجبال لتتسرَّب عبر ساقيات جاريات ، تتراقص من حولها حشرات الياعسوب . لتحكي لنا المياه وهي تتلألأ لانعكاس شعاع الشمس عليها ، لتعانق أشجار الآرانج و البرتقال التي تتساقط أزهارها على أديم الأرض التي اهتزتْ و ربتْ و أنبتتْ من كلّ زوج بهيج ، لتكون الأشجار ذات ظلال و ثمار ، ليعود لنا الربيع و تعود تلك المجالس الحافلة بأهل العلم .. و تعود لنا “سوناتا” أدي الربيع للموسيقار فريد الأطرش ..
و كلُّ رمضان و كلنا بألف ألف خير …
عبد المجيد الإدريسي.