كل الجماعات الترابية على المستوى الوطني، تضم ضمن أسلاك موظفيها فئة من العمال الذين يسهرون على نظافة شوارع وأزقة هذه المدن، فضلا عن الاشتغال بالمطارح العمومية وذلك في ظروف لا تليق بكرامة هؤلاء العمال.
“شمعة تحترق لتضيء طريق الآخرين”، هو الوصف الأمثل للساهرين على راحة المغاربة أجمعين، الذين يضحون بالغالي والنفيس خدمة للمغاربة وراحتهم. عمال النظافة باعتبارهم جنود خفاء يعملون في أوقات مبكرة، يعملون في أوقات متأخرة، هدفهم الأساس إظهار كل مرافق المدن في صورة نظيفة، فهم يتخندقون في كل مكان، في كل الشوارع، في كل الساحات، سلاحهم في ذلك وسائل تقليدية، فضلا عن آليات عفى عنها الزمن والغريب في الأمر أنهم يحاولون جادين وبإخلاص تنظيف الشوارع من مخلفات بقايا الطعام و الأزبال التي يتركها السكان والمارة على حد سواء، فعلا إنها معادلة غريبة الأطوار وعسيرة الفهم.
المواطن، كما الأسر، كما العائلات، كيفما تكون درجتهم ومركزهم الاجتماعي يتسببون في تلوث الفضاءات العمومية والساحات والشوارع وفي نفس الإطار يقدمون شكاوى بعدم نظافة المدن، ناسين بذلك أنهم السبب الرئيسي في ذلك متهمين هذه الفئة الهشة بعدم القيام بمهامها كاملة، علما أن هؤلاء لا حول ولا قوة في ذلك، بحيث نجدهم يشتغلون في عز أيام القر بدون واقيات يدوية أو ملابس تناسب المواسم المطرة، كما يشتغلون في أوقات الحر دون أي امتياز يشجعهم على القيام بمهامهم في أحسن الظروف، قد يتعرضون أحيانا للتعنيف من طرف بعض التجار والسكان أو المارة، علما أن هؤلاء يشتغلون بإخلاص ولا يتوانون في القيام بمسؤولياتهم كاملة في مقابل أجر زهيد لا يُسمن ولا يُغني من جوع.
هذه الفئة من العمال التي تشتغل تحت إمرة رؤساء الجماعات الترابية مباشرة، أو تحت إمرة بعض الشركات الخاصة التي تتولى التدبير المفوض لقطاع النظافة، كما هو معمول به حسب القوانين الخاصة بذلك.
إنها فعلا فئة محرومة من أبسط الحقوق، لا يمكنها بأي حال من الأحوال المطالبة بحقوقها أو بتحسين ظروف عملها، لأنها تقع تحت طائلة الطرد التعسفي الذي يهددها من حين لآخر وفي ظل غياب ضمانات فعلية وحقيقية تحمي مصالح هذه الشريحة من العمال، سيظل الوضع كما هو عليه، علما أنهم من أولئك الذين يسهرون على نظافة مدنهم من شوائب سكانها ومجتمعها المدني ومن قاذورات جمعياتهم، ومن نفايات الأسر التي تعمل وبعمد على انتشار أربابهم ونقابتهم في أي مكان ولا يراعون في ذلك أية حرمة أو تقدير وفي نفس الوقت يحتجون عن غياب النظافة، إنه فعلا منطق غريب وشعب غريب، وسلوك غريب.
سهيلة أضريف