س1 ـ نبدأ بالسؤال التقليدي، وهو كيف تقدمين الإعلامية إيمان أغوتان إلى القراء المغاربة الواقعيين، والقراء العرب الافتراضيين على مواقع الانترنت؟
في البداية أودّ أن أتوجه بالشكر الجزيل لمنبركم الإعلامي المحترم على هذه المبادرة التي أسعدتني وتشرفني .. إيمان أغوتان صحفية مغربية متيمة بمهنتي التي اخترتها واختارتني عن حب وشغف ومسكونة بعشق هذا الوطن الذي أتمنى أن أراه ومواطنيه دائما بخير … في رصيدي 16 سنة من العمل الإعلامي أفتخر بما راكمته من تجارب وخبرات لكن مصدر سعادتي الأول هو أن هذه المهنة لم تبح لي بعد بأسرارها وأتعلم منها كل يوم شيئا جديدا يبقيني على قيد الحماس والطموح للأفضل..
س2 ـ ننتقل الآن إلى الحديث عن البدايات الأولى التي مهدت لمجيئك إلى الإعلام ؟
قلتها مرارا ولابأس من تكرارها لم أتصور نفسي يوما أمتهن مهنة أخرى وحالفني حظ لم يحالف ربما كثيرين بأن يعملواا في المجال الذي يحبونه.. أنا خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال تخصص سمعي بصري ومنذ السنة الأولى كنت محظوظة مرة أخرى بإجراء تدريب مهني في جريدة العلم التي اشتغلت معها لأعوام بعد ذلك كمتعاونة وقد استفدت كثيرا من التأطير على يد صحفيي الجريدة وفِي مقدمتهم الصحفي والأديب رئيس تحرير الجريدة المرحوم عبد الجبار السحيمي الذي أذكر باستمرار فضله علي لأنه آمن بي وراهن علي وأنا بعد طالبة وقد تعلمت كثيرا من هذه التجربة في جريدة ورقية واقتنعت أن الصحفي يجب أن يمر من المكتوب أولا وحتما قبل خوض تجارب أخرى فالإذاعة أو التلفزيون..
س3 ـ ما هي أهم المحطات في مشوارك الإعلامي؟
محطتان حتى الآن لكنهما غنيتان جدا نظرا لاختلاف كل مرحلة عن الأخرى حيث اشتغلت لسنتين مراسلة تلفزيون أبوظبي في المغرب وخلال هذه الفترة خبرت العمل الميداني بكل ضوابطه وإكراهاته، غطيت العديد من الأحداث وأنجزت ربورتاجات ميدانية في كل بقاع الوطن وفِي العالم 2006 قدمت استقالتي للالتحاق بقناة ميدي آن سات آنذاك قبيل انطلاقها في شهر دجنبر ومنذ ذلك الوقت وأنا أشتغل في هذه المؤسسة التي قدمت لي الكثير في كل المحطات التي مرت بها كقناة متوسطية في البداية ثم ميدي ان تي في القناة العامة وقبل أعوام قليلة عادت للأصل كقناة إخبارية وطنية مغاربية وإفريقية .. اشتغلت كصحفية محررة وكرئيس تحرير لنشرات الأخبار وكمنتجة ومقدمة لبرنامج بدون حرج واليوم أنا مقدمة أخبار وبرامج في ميدي ان تي في ..
س 4 ـ هل تنتمي إيمان أغوتان إلى مدرسة إعلامية معينة؟
أعتبر أن الإعلام مدرسة واحدة يجب أن ننتمي إليها جميعا كإعلاميين في المغرب وفِي العالم بأسره هي مدرسة ضوابط المهنة وأخلاقياتها المتعارف عليها كونيا لأن ممارسة إعلامية خارج الروابط والأخلاقيات هو فعل يهدد تماسك المجتمع واستقراره…
هناك اختلافات بين المدارس الفرنسية و الأنكلوساكسونية في بريطانيا والولايات المتحدة لكنها اختلافات في الشكل لا تمس جوهر المهنة ورسالتها ..
س ـ 5 من الإعلامية أو الإعلامي الذي يشكل مثلك الأعلى؟!
الكثير من الأسماء الملهمة في وطني وخاصة الأسماء النسائية في السنوات الأولى التي تلت انطلاقة القناة الثانية وفِي مقدمتها الإعلامية القديرة الراحلة مليكة ملاك، والجريئة الواثقة فاطمة لوكيلي والقريبة من نبض المغاربة بالواضح وبصراحة نسيمة الحر..
كنت وما أزال أعجب بالإعلامي القوي دون تسلط الجريء دون وقاحة ، العميق دون تكلف والبسيط دون سطحية وهي معادلة صعبة حققتها الكثير من الاسماء أتطلع أن أكون من بينها..
س6 ـ يعرف المجال الإعلامي نوعا من الترامي الفوضوي بخصوص مزاولته، إلى الحد الذي اعتبره البعض مهنة من لا مهنة له، باعتبارك جئت إلى الإعلام من البحث العلمي والدراسات المختصة كيف تنظرين إلى هذه الظاهرة؟؟
صدقت في أنها تحولت إلى مهنة من لا مهنة له و المترامي الفوضوي هو الوصف الدقيق لما يجري فقد استبيحت هذه المهنة وخيل لكثيرين أن مجرد الحصول على كاميرا وميكروفون ومنصة لبث ما يقترفونه يمنحهم صفة الصحافي ويشرع في التنظير لحرية الرأي والتعبير دون أن يقرنها بالمسؤولية الاجتماعية والمهنية .. لا مانع لدي من أن يمتهن الاعلام أناس قدموا من مسارات أكاديمية مختلفة لكنهم تمرسوا على ضوابط المهنة وتشبعوا بأخلاقياتنا وقدم حضورهم قيمة مضافة لهذا المجال، لكنني ضد كل من يستسهل هذا المجال ويقتحمه عَنْوَة أو جبهة كما نقول وكل من حوله إلى وسيلة للابتزاز والاسترزاق الرخيص وما أكثرهم مع الأسف ..
س7ـ إلى أي حد تفترضين أن هناك خصوصيات دقيقة بين الصحافة المكتوبة والسمعية ثم البصرية؟
الأصل واحد والقواعد هي نفسها والاختلاف في شكل تقديم المضمون الإعلامي للقارئ أو المستمع أو المشاهد … في المعهد أتذكر أننا ندرس الصحافة المكتوبة والتلفزيون والإذاعة لثلاث سنوات كجذع مشترك وفِي العام الأخير في المكتوب أو السمعي البصري .. في الإعلام المكتوب ورقي أو إلكتروني الرهان على التفصيل وعمق المضامين وأسلوب الكتابة الذي يجعل للصحفي قراء أوفياء لعموده أو لربورتاجاته أو للبورتريهات أو الحوارات وفِي الإذاعة تنضاف قوة الصوت وسحره وتأثيره على المستمع ، أما التلفزيون فلاشيء يعلو فوق قوة وسلطة الصورة وخطورتها أيضا .. هي مجالات متكاملة تشتغل كلها بنفس الضوابط والهواجس والغايات وان اختلفت الإكراهات والتحديات..
س8 ـ يعرف التلفزيون منافسة شرسة من قبل الوسائط الرقمية، كيف تنظرين إلى مستقبل التلفزيون في ضوء هذه التطورات ؟
صحيح جدا وهو معطى لا تخطئه عين ومن لازال يكابر فهو يدير للحقيقة ، لكن هذه الوسائط لا تهدد التلفزيون في وجوده بقدر ما تفرض عليه تطوير أداءه واستثمار ما يتيحه التحول الرقمي المتسارع
من أجل مواصلة الحضور القوي الوازن في المشهد .. ظهور الإذاعة لم يؤدي إلى انقراض المكتوب والتلفزيون لم ينل من شعبية الراديو والوسائط الرقمية لن تطوي عهد التلفزيون لكنها تدفعه إلى تجديد أدواته وإعادة النظر في إيقاع اشتغاله ومن المفروض أن تحفزه على المزيد من الإبداع والابتكار مع الاحتفاظ بروح الرسالة الإعلامية الجادة والهادفة المرافقة لطموح كل مجتمع في التطور والنماء..
ـ 9 كيف تجدين ظاهرة “اليوتوبرز”، التي انتشرت مؤخرا؟ هل هناك ضوابط قانونية ومهنية وأخلاقية لهذه الظاهرة؟
مع كامل الأسف تعرفت على هذا العالم من خلال النماذج السيئة التي تعتلي التوندونس في غالب الأحيان واكتشفت أشخاصا هاجسهم الربح المادي ولو قفزوا في سبيل هذا الهدف على كل ضابط قانوني أو أخلاقي.. لكنه ولحسن الحظ الجزء الفارغ من الكأس فقط ولله لأن المحتوى الرقمي الجيد موجود أيضا وفِي مجالات متعددة وهناك خيرة من شباب هذا الوطن يبدعون في هذا المجال من قبيل تبسيط العلوم أو المعلومة التكنولوجية أو القانونية أو الطبية والتاريخية وغيرها ، وقد اكتشفت أيضا شبابا خلاقين ومبدعين بما تحمله الكلمة من معنى يرفعون علما الوطن عاليا في العديد من المحافل ومن بينهم عادل تاويل الفائز قبل أشهر بلقب أفضل صانع محتوى في العالم العربي – سديم- وأود استغلال هذه الفرصة لأناشد المسؤولين على تقديم الدعم لصناع المحتوى الرقمي الجيد كما أطلب من المغاربة جميعا دعمهم والالتفاف حول مشاريعهم من أجل محاصرة التفاه والرداءة وتكريم الإبداع والتميز ..
كما أضم صوتي إلى الأصوات المطالبة بتقنين هذا المجال وليس تقييده كما جاء في مشروع ق التكميم سيّء الذكر ..
س10 ـ كيف تنظرين إلى أداء التلفزيون المغربي بشكل عام وقناة ميدي تيفي، مقارنة بالقنوات العالمية، خصوصا وأنت ترين هذا الانفجار العددي في القنوات الدولية التي أصبح يلتقطها المشاهد المغربي ؟
كمهنية وكمشاهدة لست راضية عن أداء التلفزيون في بلدي لأنني من جهة أعتبر أن المشاهد المغربي يستحق أفضل، ومن جهة أخرى أثق في كفاءة زملائي وأعرف أن بإمكانهم تقديم أجود من الموجود بكثير في حال توفرت إمكانيات الاشتغال وظروف أفضل للإنتاج التلفزيوني … التلفزيون هو موارد وإمكانيات أولا وهو أيضا هامش كبير من الحرية والاستقلالية في تناول القضايا والمواضيع القريبة من اهتمامات المواطنين ومعالجتها من زوايا مختلفة وبحضور الرأي والرأي الآخر قريبا من روح الاعلام ورسالته بعيدا عن البروباغاندا الفجة المتجاوزة ومتى آمن صناع القرار في بكل أركان المعادلة سيتحقق المنشود خاصة في ظل هذا التنافس الشرس والمحموم لجلب المشاهدين ورفع نسب المشاهدة..
في ميدي ان تي في نشتغل بجد كطاقم صحفي وتقني لكننا مقيدون بقلة الموارد ونسعى جاهدين لتجاوز كل الإكراهات من اجل تقديم عمل مهني يحترم ذكاء المشاهد الوفي فإن أصبنا لنا أجران وإن أخطأنا يكفينا أجر المجتهد..
س11 ـ ما هي المشاكل التي يعرفها القطاع؟ ومن الناحية النقابية كيف يتم التعاطي معها، وإلى أي حد تتم الاستجابة لانتظارات العاملين بالقطاع؟
مشاكل كثيرة ومعقدة ولكل صنف مشاكله مكتوب ورقي أو إلكتروني، وسمعي بصري ، مشاكل في الموارد المادية، وفِي تمثل المفاهيم والقيم المؤطرة لهذه المهنة حرية، مسؤولية ، أخلاقيات ، قانون ..هناك أيضا أوضاع اجتماعية صعبة يعيشها الكثير من الصحافيين في ظل تعثر بعض المقاولات أو إجهاز أصحابها على حقوق الإجراء كما وقع في زمن الجائحة، هناك نوع من التردد السياسي في حسم شكل وغايات الاعلام الذي نريد وهو ما يخلق حالة من التخبط غير المفهوم .. العمل النقابي موجود لكنه ضعيف ومحدود التأثير في المعادلة لأن دوره ترافعي ونحن كإعلاميين نراهن في المرحلة المقبلة على المجلس الوطني للصحافة كمؤسسة دستورية بصلاحيات واسعة بوصفها قاضي المهنة ومحاميها الأول..
س12 ـ تعرف التجربة التلفزية المغربية حالة تشبيب واسعة. كيف تتعاطين مع الأمر؟
يسعدني الأمر من الناحية المبدئية لأن الرهان على الشباب، لكن ذلك لا يعني التطبيع مع حرق المراحل لأن التقديم التلفزيوني في حاجة دائمة للوجوه الشابة الجديدة لكن المقصود هو الشباب الذي تدرج في المهنة وخبر تفاصيلها اشتغل في الميدان وفِي قاعات التحرير وطور من موهبته ومن أدوات اشتغاله ليتوج كل هذا المجهود بظهور موفق على الشاشة ..
أحذر كل الشباب من استعجال الأمر لأني لا أومن بأن مسيرة مهنية في المستوى تنطلق أمام الكاميرا دون أدنى رصيد سابق في العمل الإعلامي وحبذا لو كانت البدايات في الاعلام المكتوب ..
س 13ـ كيف وجدت صيغة العمل عن بعد خلال الحجر الصحي؟
لم يقدر لي أن أعيش تجربة العمل عن بعد بحكم طبيعة عملي كمقدمة أخبار وبرامج إخبارية وحوارية، تجندت رفقة زملائي في القناة لتقديم الخدمة الإخبارية المهنية ومحاربة الأخبار الزائفة خلال هذه الفترة العصيبة والاستثنائية التي مر منها الوطن… اشتغلت بالكثير من الحماس وبروح مواطنة عالية بسبب حساسية الظرف وتفاعل المواطنين الإيجابي مع العمل الإعلامي الجاد والمسؤول وتصالحهم مع المنابر الجادة في زمن الجائحة وهي واحد من المنح التي أسعدتني خلال محنة كورونا…
س14ـ ما هو البرنامج التلفزي الذي تمنيت لو أنك من تقدمه؟
تمنيت وتحققت أمنيتي هو برنامج بدون حرج الذي اشتغلت ضمن طاقم إعداده في البداية وكنت من ينجز ربورتاجات حلقاته طيلة أشهر الست الأولى قبل أن تستقيل مقدمته الزميلة الجزائرية ليلى بوزيدي من القناة وتكلفني الإدارة بتقديمه وطيلة سبع مواسم متتالية.. وقد نال هذا البرنامج شعبية كبيرة في أوساط المغاربة فاجأتني وتفاجئني حتى الآن عندما ألتقي بمتابعين أوفياء مازالوا يسألون عنه بعد مرور ثلاثة أعوام على توقفه …
س15 ـ ما هو البرنامج الذي تحلمين أن تقدميه مستقبلا؟
برنامج حواري سياسي موجه لعموم المغاربة يصالحهم مع النقاش السياسي والفعل السياسي
برنامج بهامش كبير من الحرية وبدون ذرة لغة خشب. حلمي أن أعيد تجربة بدون حرج وهذه المرة في السياسة.
حاورها عبدالإله المويسي