خضعت في الآونة الأخيرة، وزارة التعليم العالي لحملة تطهير شملت عددا من العناصر والأطر المركزية التي كان لها نفوذ بخصوص تدبير وزارة التعليم العالي، قادها وزير التعليم العالي عبد اللطيف الميراوي.
كما عمد ميراوي، إلى إيقاف مجموعة من المشاريع التي قررت الحكومة السابقة إنجازها والقاضية بإحداث عدد من المراكز الجامعية والكليات، في إطار شراكة مع الجماعات الترابية، حيث أن الوزير السابق سعيد أمزازي كان مصمِّم العزم على تنزيل كل هذه المشاريع على أرض الواقع ، الأمر الذي سيترتب عنه نوع من التوتر والارتباك بين الحكومة وأعضاء المجالس الانتخابية، إذ كانوا ينتظرون بفارغ الصبر تحقيق هذه المنجزات باعتبارها مشاريع لها صلة بتقريب خدمات القرب لمن يعنيهم الاَمر من سكان المدن التي يسهرون على تدبير شؤونها المحلية العامة وخاصة المدن التي لا تتوفر على مثل هذه المؤسسات.
اِلغاء الكليات بعد اِلغاء الباشلر:
تصفية تركة أم تطبيق لتوصيات المجلس الأعلى؟ هذان هما الاحتمالان اللذان يعتبران حديث الساعة في الأوساط المنتمية إلى سلك التعليم العالي سواء في دهاليز الإدارةً المركزية أو داخل الحرم الجامعي.
إن التوقف الفوري لمشروع الباشلر بُعيد تعيين الوزير عبد اللطيف الميراوي خلفا لسعيد أمزازي، على رأس وزارة التعليم العالي في الحكومة الجديدة بدعوى أن العِلّة في هذا التغيير ترجع إلى الصعوبة في تطبيق النظام البيداغوجي الساري مفعوله منذ ربع قرن وليس إلى النظام نفسه، الشيء الذي دفع بميراوي إلى التوقيف الأني للمشاريع المقرر سابقا تنزيلها والمتمثلة في بناء العديد من المراكز الجامعية وكذا الكليات المتعددة الاختصاصات، التي تولى أمر تنزيلها وتدشينها بصورة شخصية سعيد أمزازي.
الرأي العام المهتم بشؤون التعليم العالي له رأي بخصوص دواعي اتخاد مثل هذه القرارات، إذ ذهب البعض إلى اعتبار هذه القرارات تدخل ضمن تصفية الحسابات الخاصة.
ولقد شملت حملة التطهير مجموعة من المسؤولين المركزيين النافذين، إذ أصابت المفتش العام للوزارة، فضلا عن إحالة ثلاثة مسؤولين مركزيين ورؤساء جامعات، بحجة عدم حاجة الوزارة إلى خدماتهم مستقبلا وهذا له دلالة ضمنية، تدعوهم إلى تقديم استقالتهم فورا قبل إصدار قرارات إعفائهم.
في حين أرجعت بعض الآراء الأسباب الكامنة وراء هذه القرارات، إلى التقارير التي أنجزها المجلس الأعلى للتربية والتكوين بخصوص قطاع التعليم العالي، حيث تضمنت هذه التقارير ملاحظات وهفوات خطيرة جدا تضم مجموعة من الشوائب والخروقات التي تم اكتشافها بخصوص صفقات المشاريع المُزمع تحقيقها سابقا سواء من طرف الوزير السابق أمزازي، هذا فضلا عن الشُّبهات التي طالت عملية توظيف مجموعة من الأطر والأساتذة في كلية الآداب بتطوان في إطار ما يعرف بمشروع “الباشلر” دون الأخذ بعين الاعتبار التخصصات.
وعليه فإن الميراوي ارتكز بصورة قطعية على تبني تقرير المجلس، حيث أسرع في اتخاد القرارات الصارمة بخصوص الأطر المركزية النافذة، مع وضع حد للمشاريع المزمع إنجازها إلى حين الانتهاء من الورشات الجهوية الرامية إلى التحول الذي يقضي بإرساء منظومة النموذج الجديد للجامعة المغربية.
التقارير التي أنجزت بهذا الخصوص قد صيغت من طرف لجان كان الوزير الحالي رئيسا لها، إذ اعتبرت أن الكليات المتعددة التخصصات، تجربة لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتمادها، نظير عدم قدرتها على تبني تنمية محلية في العديد من المدن، فهي بذلك تجربة فاشلة، إلى درجة يمكن اعتبارها “ثانوية للكبار” ومن باب أولي فإن شروط البحث العلمي إمكانية مستبعدة وغير ممكنة، بحكم هيكلتها التربوية والتسييرية.
وعليه فإن الكثير من الملاحظين يربطون بين مهام الوزير في مجلس المستشار الملكي “عمر اعزيمان” والقرارات التي تبناها ميراوي والقاضية بإلغاء الكليات المتعددة التخصصات، والتي كانت طيلة سنوات موضوع مطالب رفعتها المجالس الجهوية والإقليمية المنتخبة، أسفرت عن تدشين العديد منها في مدن سيدي قاسم وتاونات وخنيفرة والسمارة والعرائش والخميسات وغيرها من المدن الصغرى والمتوسطة.
سهيلة أضريف