… لقد أخذ العرب عن غيرهم ،كما أخذتْ كل الأمم عن غيرها العلم و المعرفة، على صيغتين ، أوّلهما : علوم مُعرَّبةَ عن اليونانية ، و ثانيهما : مؤلف بالعربية . و لم يتوقف العرب عند الترجمة ، بل طوَّروا العلوم حتى أصبحت مؤلفاتهم أسساً انطلقتْ منها العلوم الحديثة ..
– أوْكستْ البورصات الرئيسية في أروبا أكثر من اثنين بالمائة ، خوْفاً من انتشار المتحورة “ديلتا” . وقد يخشى المستثمرون انتعاشة اقتصادية أقل أهمية مما كان مُتوَقعاً ، إذا بمؤشر التقلب (حجم الاختلافات و مُتغيرات في سعر الأصل المالي) وصل إلى أعلى مستوى له منذ شهرين إلى 22% . فالقطاعات الحساسة الاقتصادية كالنقل الجوي و الفندقة و المطاعم ، الذين عانوا بشكل خاص ، و انفكتْ أنشطتهم . الشكوك مُستمرَّة إلى متى سيرى المستثمرون علامات عوْدة الحركة الاقتصادية إلى طبيعتها ، و إذا بهم لم يتعلموا بعدُ العيش مع “كوفيذ-19” . سيكون من الضروري ، و بالرغم من ذلك ، أنَّ الأسواق عليها أنْ تدمج هذه البيانات في حساباتها . بينما يبدو أنَّ “فيروس-كورونا” موجود ليبقى على كوكب الأرض رَدْحاً من الزمان ..
– فقد أضحى اللقاح سلاحا اقتصاديا ، تماماً كالسبعينيات من القرن العشرين ، عندما كان النفط حاملاً للاقتصاد العالمي . فإنَّ اللقاح اليوم ضد “كوفيذ-19” أصبح و أضحى و أمسى سلعة حيوية . يتمُّ إنتاج هذه اللقاحات من قبَل حُفنة من الدول الذين يُسرعون لإعداد تصاريح الصحة لمُواجهة المُتحورة “ديلتا و أخواتها” .
– حسب المنظمة العالمية للصحة ، فإنَّ هذه الأخيرة تغزوا 104 دولة في العالم . و رئيس المنظمة يستنكر ، من جانبه قلة التضامن و الجشع لهؤلاء الدول و لمن منهم يفكرون في حقن الجرعة الثالثة ضد “كوفيذ-19” . و البعض الآخر بصدد المطالبة بالمزيد من ملايين الجرعات للتذكير ، بينما الدول ذات الدخل الهزيل ، لم يستطيعوا تطعيم حتى القائمين على رعاية المرضى المصابين ، و لا حتى فئة السكان الأكثر ضعفاً . و أنَّ ليس هناك من علماء مَنْ يقترح ضرورة لقاح ثالث للتطعيم ضد “كوفيذ-19” . فالغير الملقحين يمثلون 80% من الحالات الإيجابية . كلنا يعرف ، و منطقيا ، لطالما لم يتلق جرعتين من اللقاح ، و من غيرهما لن يكون التطعيم فعالاً . في الواقع أربعة بالمائة فقط من الأشخاص ذوي أعراض “كوفيذ-19” ، كان لديهم جدول كامل للتطعيم (بأروبا) .
– هذه البيانات ليست كافية لتقييم نجاعة اللقاح بكفاءة ، و على أكمل وجه .
- بالفعل حالة التطعيم تتغير الطريقة من المُلقحين إلى غير الملقحين . و لذلك ، من المنطق أنَّ الملقحين خاصة ، يخضعون أقل للاختبارات “RCP” ، و من هم بدون أعراض . و على العكس من ذلك ، تعميم بطاقة الصحة تستوجب دفع الغير الملقحين إلى الكثير من الاختبارات .و هذا لا يعني أنَّ هذه المعلومات المذكورة مُتحيّزة ، لكنها ببساطة لا تكفي وهي الأكثر دقة المتاحة لدينا اليوم ، بخصوص نجاعة اللقاح ضد المتحورة “ديلتا” (تأتي المعلومات من المملكة المتحدة) ، التي كان لها الوقت الكافي لإجراء تحاليل مُعمَّقة في كثير من الحالات .
– فعالية الجرعة الأولى من اللقاح انتقلت من نسبة 48% من المتحورة “ألفا” الإنجليزية ، إلى 31% مع المتحورة “ديلتا” . أما بالنسبة للأشخاص الملقحين بالكامل ، ففعالية التطعيم تنخفض ، لكنها لاتزال عالية جداً أي 80% ضد 88%للمتحورة “ألفا” في المعدل . ف للتوثيق هناك دراسات إنجليزية و اسكتلاندية وراء هذه الأرقام . فارق بسيط مع جدول التطعيم الكامل للقاح “فايزر” الأكثر كفاءة من “أسترزينيكا” بنسبة 80% ضد 60%. و إنه يواجه أيضا المتحورة “ألفا” بنسبة 93% ضد 66% ل “أسترازينيكا” .
– عندما سُمح بأخذ اللقاح منذ شهر ديسمبر من سنة2020م ، كان هناك عشرات اللآلآف من الأشخاص الذين تلقوْهُ ، وقد تمتْ التحاليل بتفاصيل دقيقة من لدُن العلماء المتخصصين . حينئذ كان التأثير الجانبي الوحيد الهام هي حمى بسيطة ، بل لم يكن هناك حتى ردُّ فعل تحسيسي عنيف مباشرة بعد الحقن ، دون أي خطورة ، مع دعم سريع .
– منذ ذلك الحين تمَّ حقن 3.5مليار من جرعات اللقاح في العالم ، لأكثر من ملياريْ شخص .
– عملية التطعيم للسكان يُرافقها في جميع الدول ، برامج جدُّ متطورة ، لمتابعة الملقحين ، تحت تسمية المرحلة ب”اليقظة الدوائية” . بمعنى و بوضوح ، أنَّ كل خلفية صحية واجهتْ كل شخص ملقح ، يتمُّ الإبلاغ عنها لتحليلها من قبَل السلطات الصحية .
– “هناك آثار جانبية خطيرة” ، بعد حقن اللقاح و هي معروفة جيداً ، لأنَّ العلماء يُلقحون ، منذ القرن التاسع عشر . و يعلمون ذلك في حالات ناذرة حسب اللقاحات ، أنَّ بعض الأشخاص قد يكون لديهم ردّ فعل غير مرغوب فيه . و هذا هو الهدف من التجارب السريرية التي أشرف عليها العلماء منذ سنة 2020م ، و التي تحققتْ مع آلآف المتطوعين ، إذا لم تكن هناك مخاطر مُثبتة . هذه التجارب لم تترتب عنها أية مشكلات . لكن من الواضح ليسوا مثاليين ، إذ يمكن أنْ تُفَوتَ تأثيرات ناذرة جدّاً ، فمثلاً ، لشخص مُلقح واحد من كل مائة ألف شخص أو من كل مليون شخص . إذا كان هناك آثار جانبية ناذرة جدّاً للآحظها العلماء . و تجلط الدم ل”أسترازينيكا” خير مثال على ذلك . كان من المستحيل اكتشاف هذا الخطر إحصائياً مع تجربة واحدة ، من بين عشرات من ملايين الأشخاص .
– في الواقع الحالات الشديدة كالجلطات في أوردة الدماغ ، قد تؤثر على قلة قليلة من الناس ، لحواليْ 2.5% ، لمائة ألف شخص مُلقح . فكان من المستحيل اكتشاف في اختبار اكلينيكي وحيد ، على بضع من عشرات الألف من الأشخاص ، لكن تم التنبيه إلى ذلك بسرعة في بداية التطعيم ، بدْءً من شهر مارس 2020م – و كذلك في حالات التهاب عضلة القلب (و التي لم تُسفر عن وفيات) ، تمَّ رَصدُها بين الشباب المُلقح بمصل “فايزر” ، لكن بنسب صغيرة ، أيْ : ب 66حالى لكل مليون شخص تم تطعيمهم . أوْ مع لقاح “جانسن” و متلازمة “غيان باريه” (حالات طبية ناذرة يُهاجم فيها جهازك المناعي للأعصاب) ، لشخص واحد من كل 128000 (مرض يتطلب الدخول إلى المستشفى ، و لكن بشكل عام و بعناية جيد جدّاً ) . و قد تمَّ بالفعل رَصد حالات ناذرة للتسربات الشُعيْرية مع لقاح “أسترازينيكا” ، بمعدل حالة لكل خمسة ملايين جرعة (هي أمراض جهازية شديدة بسبب زيادة نفاذية الشعيرات الدموية) . الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب لم يعد بقدرتهم تلقي اللقاح اتقاء المجازفة ، لتجنب الخطر .
– بصراحة هناك آثار غير مرغوب فيها ، لكنها معروفة جيدا ، و تؤخذ في الاعتبار من قبَل مهنيي الصحة الذين يؤطرون و ينظمون عملية التطعيم .
– إذا كان هناك أي مشاكل ، فالعلماء و الأطباء ، سينكبون على اكتشافها في المختبرات العلمية . مرة أخرى فاللقاحات هي الأدوية الأكثر تمحيصاً في العالم .
– ربما قد يكون نقص في المنظور بشأن هذه اللقاحات ، فتلك هي إحدى الحجج المطروحة . لأنَّ إتمام اللقاح و تطويره أنجز بسرعة فائقة ، و ليس لدينا من الارتدادات الكافية بشأن المخاطر . حقيقة أنما عند ظهور الوباء في الثلث الأول من عام 2020م ، لم يكن العلماء يتوقعون لقاحا بهذه السرعة . و من الواضح أننا لا نستطيع أنْ نكون على يقين 100% ، بل في الواقع لدينا ارتداد هام جداً . أولا ينبغي علينا أنْ نستوعب أنَّ هذه الإجراءات المُتسارعة ، لا يعني أنَّ اللقاح لم يتم اختباره . إنه ببساطة أنَّ مختلف المراحل تستغرق أحياناً سنوات ، فقط على المستوى الإداري ، وفي الوقت ذاته ، تمَّ تنفيذ ذلك باستثمار وسائل هائلة مادية .
– التأثير الجانبي يتطوَّر في غضون شهرين بعد عملية تلقيح الجرعة الأولى . فقد تمَّ تسليط الضوْء على بعض الـتأثيرات فيما بعد ، لكن الأعراض تظهر دائما في أقل من ثمانية أسابيع بعد حقن اللقاح . سبعُ مائة مليون شخص في منتصف شهر ماي ، كانوا قد تلقوا بالفعل الجرعة الأولى . وهي التي سمحت باكتشاف بعض الأعراض الجانبية الناذرة جدا . علاوة على تلك التي تؤثر على الشباب مثل التهاب عضلة القلب ، التي اكتشفتْ مؤخراً . لأنَّ اللقاحات كانتْ في بداية الأمر مخصصة أصلا لكبار السن . فاللقاحات لا تمنع من انتقال العدوى ، وهي تساؤلات العلماء التي كانت تخطر ببالهم خلال النتائج الأولية للاختبارات الكلينيكية . و لذلك إذا كان اللقاح يمنع فقط الحالات الشديدة ، لكنه يسمح أيضاً لانتقال “فيروس-كورونا” بدون أعراض . لماذا إذن التطعيم ؟ إذا تمَّ استخدام اللقاح لإيقاف انتشار الفيروس ، و قد يساعد على منع جميع الأشكال الخطيرة من العدوى أوْ طويلة الأمد ل “كوفيذ-19” . خاصة لأنَّ المزيد و المزيد من البيانات العلمية تظهر و تثبت بأنَّ اللقاحات فعالة لمنع انتقال الفيروس . الاختبارات العلمية ل “موديرنا” تؤكد على سبيل المثال ، أنَّ اللقاح يعمل على تقليص خطر عدم ظهور الأعراض بنسبة الثلثين ، بالإضافة إلى التقليل بنسبة 90% من خطر تطوُر شكل من أشكال أعراض العدوى .. و لله الأمر من قبل و من بعد..
عبد المجيد الإدريسي