في يوم الجمعة المنصرم حللت بالريف، والريف مقصد شريف..
في مدينة الناظور ألقيت كلمة أمام شيخي وسندي سيدي جمال الدين القادري بودشيش نضر الله أيامه بحضور جمع مبارك من فقراء الزاوية القادرية البودشيشية.. تمحورت كلمتي على :
– الاعتقاد؛ بما يعنيه من سمو العقيدة والتألق بنور الله..
– التوجه؛ بما يفيده من انقياد وسلك الطريق حتى يتبين الأثر..
– الامتثال؛ بما يدل عليه من طاعة واتباع..
– الاستمداد؛ بما هو طلب إمداد وعون..
ربطت هذه المدلولات بالتصديق والتحصن والصحبة والفناء في محبة الشيخ المربي لكونه وارثا للسر المحمدي.
تزامنت كلمتي مع أكبر حدث في تاريخ الإنسانية، وهو حدث الهجرة النبوية الشريفة، فتذكرت شقيقتي وتوأم روحي أسية رحمها الله. تذكرت كتابها “من أحكام الهجرة في الإسلام” الذي نشرته تكريما للذات المحمدية الشريفة، واستحضارا لروح والدي المنعم برحمة الله الحاج محمد بن الحسن شهبون، إذ كان له الفضل بعد فضل الله تعالى في تربيتنا ورعايتنا رعاية شاملة.. وإعزازا لروح والدتي أمينة المريني رمز الصبر والصلاح.. وانشدادا إلى عرى أخوة (فطومة وعبداللطيف ومصدق وعبد المجيد).
صدرت شقيقتي أسية كتابها المذكور بالصلاة الكاملة ثم وجهت الإهداء إلى والدتي ووالدي اللذين كان لهما فضل افهامها أن الحياة نهوض ومتابعة حتى يأتي أمر الله..
تخليدا لذكرى حدث الهجرة النبوية كتبت شقيقتي أسية رحمها هذه العتبة لكتابها المذكور :
” بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله وسلم على مولانا محمد وآله وصحبه.
الحمد لله العالم بالخافيات، والحمد لله العالم بالطويات، المطلع على صنعه في المخلوقات، والصلاة والسلام على مولانا محمد خير المرسلين وسيد الكائنات، وعلى آله وصحبه المتبعين له في الحركات والسكنات..
أما بعد،
فإني أردت في هذا المرسوم أن أدون ملخص ما فتح الله به علي في موضوع “بعض أحكام الهجرة في الإسلام” منذ ما يزيد عن ثمان وعشرين سنة، ممتنة بما قدمه إلي أستاذي المرحوم محمد كركب من توجيه سديد.. وشاكرة فضل شقيقتي فطومة على تيسيرها للمصادر والمراجع في زمن قياسي؛ فلهما مني خالص الدعاء..
إذا كان في تاريخ البشرية من الأحداث ما يعلم الدروس، ويربي النفوس، ويوقف الضمائر، ويقوم السلوك.. فهل ثمة حدث يجمع كل هذا غير حدث الهجرة النبوية الشريفة ؟
نقف على كفاح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حامل لواء المحبة منذ بدايته المريرة إلى نهايته الظافرة على أروع نموذج للثبات على الحق والرسوخ على المبدإ، يضربه صلى الله عليه وسلم تضحية وصبرا وتحملا..
كان محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأكرم نموذجا سامقا، بل إنسانا كاملا ، بشيرا، شفيعا، مخلصا.. وإن حدث الهجرة وأحكامها موضوع غني بالعبر، موقظ للهمم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ لأنه صادر من ذات جمعت أرواح الأنبياء والأولياء.. ».
رحم الله شقيقتي أسية فقد كانت محمدية في الأصل والامتداد..
د. عبد اللطيف شهبون