هدى بدأت عاشقة للضّوء وكأنّه بذرة في طبيعتها ، لذا ظلّت في الضّوء إلى أن انتهت في الضّوء .
تعرّفت عليها بدءأ في أطروحتها الجامعية التي نالت بها درجة الدكتوراه . وفي هذه الأطروحة اهتمت بالنبش في التراث الثقافي الحديث بالشمال خاصة ، بعد أن كان شبه مغمور وهو بالمقارنة مع الجنوب في تلك الفترة التاريخية الصعبة التي مرت تحت ظل الحماية الاسبانية والفرنسية والدولية ، وقتها كان الشمال وخاصة تطوان مركز إشعاع ثقافي حداثي .
صدرت وقتها مجلات ثقافية عدة . مجلة المعتمد ، مجلة الأنيس، مجلة الأنوار ، مجلة لسان الدين ومجلات أخرى وصحف حزبية عديدة كان ينشر فيها أبرز أدباء ومثقفي المرحلة من المغرب ومن المشرق . فمن المغرب كان في الطليعة محمد الصباغ وآخرون عديدون ومن المشرق العربي أحمد زكي أبو شادي الذي كان مديرا لمجلة أبولو وآخرون .
وكان وراء هذه النهضة الثقافية أعلام مثل محمد داود ، محمد بن تاويت ، محمد العربي الخطابي وآخرون . وهدى المجاطي لم تتوقف بعد الأطروحة ، بل كانت في ميدان التراث باحثة غير منتهية . وأخيراً ستلتحق بجريدة الشمال عضوة في التحرير مستمرة في البحث إلى آخر وقت الضّوء .
وفي علمي أنها حظيت أثناء دراستها في الجامعة بأستاذين جليلين أزاحا من طريقها الأشواك ،فذهبت خلف حلمها آمنة مطمئنة . الأول عبد الله المرابط الترغي والثاني عبد اللطيف شهبون ، ولذلك كان رحيل الأستاذ عبد الله بالنسبة إليها فاجعة فوق الوصف .
ومن حسن حظي أنّها جمعت لي نصوصاً كنت قد كتبتها زمن الدراسة في تطوان في ديوان أشرفت على طبعه ، وربما كان هذا مشروع آخر عندها كانت ستقوم بنفس الدور مع شعراء آخرين كانوا معاصرين لي مثل المهدي زريوح ومحمد الطنجاوي وأحمد البقالي رحمهم الله .
هدى بدأت ضوءاً واستمرت ضوءاً وانتهت ضوءاً بعد أن أودعت في قلوب محبيها رذاذ المحبّة والشوق والذكرى .
عبد الكريم الطبال