تعرض المواطن المغربي في الآونة الأخيرة، إلى هجمة شرسة كان بطلها الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الغذائية والمحروقات الأمر الذي ترتب عنه انعكاسات خطيرة على القدرة الشرائية للمواطن، الذي كان سابقا ضمن خانة الطبقة المتوسطة، أما الأغلبية الساحقة فهي تعيش الهشاشة والفقر المدقع. هذا ما سنقوم بجرده فيما يلي:
· ارتفاع الأسعار:
فجأة استفاق المواطن المغربي وبدون سابق إنذار، على هجمة شرسة من طرف أرباب الشركات الكبرى المسؤولة عن الإتجار في المواد الغذائية، من طرف المتاجرين في مواد المحروقات، دون مراعاة الظروف الاجتماعية للشريحة الكبرى من المواطنين الذين يعيشون الفاقة والبؤس والقهر، وخاصة خلال فترة وباء كورونا، بحيث التسريحات من الشغل عرفت ذِروتها، إذ ذاق المواطن المغربي الأمَرّين، وما زال يقاسي من تبعاتها، حتى يفاجأ بأن أثمنة زيت المائدة اجتاز الحدود المعقولة، ليصبح بأكثر من 80 درهما، فضلا عن باقي المواد الغذائية الضرورية للاستهلاك اليومي، أما المواد الغذائية الأخرى من لحوم وأسماك وما دونها فهي لا تعرف لهم طريقا.
وفي نفس السياق عرفت المحروقات ارتفاعا مهولا كاد أن يتسبب في شل حركة السير، خاصة عند ممتهني قطاع النقل ب، وهي زيادة لا يمكن تبرير مختلف شرائحه، وهي زيادة لا يمكن تبريرها بأي سبب من الأسباب. قرارات اعتمدها اللوبي المسؤول عن الصناعات الغذائية وشقيقه المسؤول عن المحروقات بدون أي ترتيبات أو مشاورة مع المجتمع المدني، أو المركزيات النقابية،
ضاربين عرض الحائط كل القواعد القانونية المنظمة للتجارة، فضلا عن ضربهم للقدرة الشرائية للمواطن المسحوق الشيء الذي ترتب عنه خلق نوع من الغليان.
· احتجاجات 20 فبراير
المسؤولين عن قرارات الزيادات في المواد الغذائية، والمحروقات كانت نواياهم سيِّئة، تجلى ذلك في التوقيت الذي اختاروه لهذه الزيادات التي صادفت ذكرى 20 فبراير لسنة 2011، هذا التاريخ يعتبر محطة هامة كان لها وقع كبير على المستوى السياسي، لكن حنكة جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي استطاع تحويل الضغط والاحتقان الذي عرفه الشارع المغربي، على غرار الربيع العربي إلى هدنة شاملة استطاع من خلالها امتصاص غضب الشارع، من خلال دستور 2011 الذي جاء بِمَوجة من المستجدات، والمؤسسات التي عرفتها الساحة الديمقراطية، حيث كانت السبب في الهدوء وعدم الاستمرارية في خوض التجارب التي عرفتها الساحة السياسية العربية.
· الدعم الملكي:
نظرا لما عرفه الموسم الحالي من شُحٍّ في الأمطار، وما خلفه من تأثير سلبي على حقينة السدود المائية، التي لم تتجاوز نسبة ملئها 60٪ مقارنة مع السنة الماضية، وهذا بطبيعة الحال له انعكاسات خطيرة على مياه الشرب والسقي، فضلا عن التأثير الوخيم على الفلاحة والمزروعات بشكل عام، الأمر الذي دفع بصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى تخصيص عشرة مليارات درهم لمواجهة آثار الجفاف، خاصة في العالم القروي الذي تعرض لانتكاسة كبرى، رفع من خلالها الراية البيضاء، فجاء الدعم الملكي كنوع من الرحمة التي نزلت من السماء استطاع من خلالها الفلاح تنفس الصُّعداء في مواجمة الأزمة الخانقة التي أصابتهم نفسيا وأصابت فلاحتهم ومزروعاتهم ومواشيهم.
· الأغلبية الحكوميةً
خرج الائتلاف الحكومي المكون من الأمناء العامين لأحزاب الأحرار، والاتحاد الدستوري، والاستقلال، ببيان موجه إلى الرأي العام الوطني، للتأكيد على أن الحكومة ما زالت على عهدها، وأنها ملتزمة بتنفيذ جميع تعهداتها التي قطعتها في برنامجها الذي قدمته أمام البرلمان بغرفتيه، داعية المواطنين إلى المزيد من التعبئة واليقظة في مواجهة التآمرات الخارجية، فضلا عن تجندها المستمر في تنزيل برامج وفق أجندات حالية استعجالية لمواجهة آثار الجفاف.
· الحكومة تواصل دعمها للمواد الاستهلاكية الأساسية:
على ضوء الإحتقانات والتظاهرات التي عرفتها الساحة المغربية، قررت الحكومة اتخاذ حُزمةً من الإجراء ات، للحد من الارتفاع المهول الذي عرفته بعض المواد الغذائيةً والمحروقات، مؤكدة استمرارها في دعم المنتجات الأساسية والمتعلقة بالسكر وغاز البوتان ودقيق القمح اللين.
وفي هذا الصدد أشار رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى أن الحكومة تؤدي 14 مليار درهم للحفاظ على استقرار أسعار الكهرباء، وهو ما حال دون زيادة في أسعارها بقيمة 400 درهم (42 دولاراً).
وفي مؤتمر صحافي بعد اجتماع أحزاب الأغلبية الحكومية أول أمس الثلاثاء، ورؤساء فرقها في مجلسيْ البرلمان، قال عزيز أخنوش إن الدولة تؤدي غلافاً مالياً بقيمة 600 مليون درهم شهرياً لتفادي حدوث أي زيادة في أسعار دقيق القمح اللين من خلال تأدية فارق مالي يقدر بـ 80 درهماً عن كل قنطار.
وسجل المسؤول الحكومي أن الدولة تؤدي ثلاثة مليارات درهم للحفاظ على استقرار أثمنة السكر، مشدداً على أن الحكومة تُواجه ضغطاً كبيراً على الميزانية، ومع ذلك فإنها تبذل قُصارى جهدها للتغلب على كل الإكراهات.
من جهته، حذرت النقابة المغربية لمهني النقل الطرقي، من الارتفاع التعسفي للمحروقات نتيجة انسحاب الدولة فيما يخص تحديد أسعار البيع للعموم وحذف الدعم للمهنيين ولعموم المواطنين، لا سيما لأصحاب الدخل المحدود، والذي سيؤدي إلى القضاء على شركات النقل أو الزيادة في تسعيرات التنقل على المواطنين، وهذا سيكون مجانبا للصواب ويعتبر عملا خارج القانون.
سهيلة أضريف