قدرهم أن يفنوا زهرة شبابهم في العمل لسنوات عديدة، قضوا خلالها الساعات الرتيبة، في القيام بواجبهم المهني، من موقع كل واحد على حدة.أصيبوا بأمراض، فقاوموها واستحملوها، ثم عانوا كثيرا مع متطلبات أفراد أسرهم على مر كل هذه السنين، من مصاريف الدراسة والمأكل والمشرب والتطبيب وفواتيرالماء والكهرباء وسومات الكراء، قبل أن يحالوا على المعاش، لتبدأ رحلتهم من جديد، رحلة شاقة، مثقلة بتكاليف حياة أصبحت صعبة، بكل المقاييس، في زمن نيران الأسعارالتي تأتي على الأخضرواليابس، حيث وجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان، بدون الالتفات إليهم، لا من طرف الحكومات المتعاقبة ولا من بعض من يفترض أنهم”حكماء” بعض مؤسسات الدولة.هذا هوحال المتقاعدين في المغرب الذين كانوا قدموا ملفا يتضمن مجموعة من المطالب الهادفة إلى تحسين أوضاعهم وضمان حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، في الوقت الذي ارتأت الحكومة والبرلمان عند مناقشة مواد مشروع قانون المالية برسم سنة 2025 أن يقصياهم، بينما هم يستحقون النظرفي ملفهم المطلبي في ظل الارتفاع الصاروخي والمتواصل للأسعار، فضلا عن الضغوط الاقتصادية، مطالبين الحكومة بـأن تعتمد السلم المتحرك للمعاشات، بما يتماشى مع الارتفاعات المستمرة للأسعار، لضمان الحفاظ على قدرتهم الشرائية، حيث يطالبون برفع المعاش إلى الحد الأدنى للأجوروالتأكيد على ضرورة ألايقل عن الحد الأدنى للأجور “سميك”مما يضمن لهم مستوى معيشيا، يليق بهم، ملتمسين العمل على مراجعة القوانين المتعلقة بالتعويضات التي حرمتهم من الزيادة في المعاشات، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
في هذا السياق، كانت الشبكة الوطنية للمتقاعدين في المغرب تطالب، بـما مجموعه 2000 درهم على الأقل، لمواجهة التحديات المالية التي يواجهها المتقاعدون”، فضلا عن دعوتهم الحكومة إلى تمكين الأرامل من معاشات أزواجهن كاملة وهوما يشمل توفيرالدعم المالي الكافي للأرامل بعد وفاة أزواجهن، بما في ذلك مطالبتهم بإعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل، من أجل ضمان استفادة المتقاعدين من المعاش دون تحميلهم أعباء إضافية، علاوة على رفع تعويضات التطبيب والأدوية إلى نسبة مائة في المائة، أي المطالبة بتغطية شاملة للتطبيب والأدوية، بحيث يتم رفع نسبة التعويضات إلى مائة في المائة، بهدف تخفيف الأعباء الصحية عليهم، إضافة إلى فسح المجال أمام تمثيلهم في المجالس الإدارية لصناديق التقاعد من أجل أن تكون قرارات هذه الصناديق منسجمة مع مصالحهم، فضلا عن المطالبة بتمتيعهم بامتيازات تخفيضية، لا تقل عن خمسين في المائة من تكلفة الخدمات الصحية والاجتماعية في المؤسسات الخاصة والعامة.
بالمقابل، مادورالحكومات كلها إذا لم تراع الظروف المزرية لشريحة واسعة من المتقاعدين الذين ضحوا بصحتهم وأعصابهم في مسارهم المهني، خدمة للوطن ؟ خاصة أن من يقررون في مصيرهم، يتقاضون أجورا فاحشة ويمتطون سيارات فارهة ويبيتون في مساكن فاخرة، فضلا عن امتيازات أخرى لهم، لاتعد ولاتحصى، فمتى سيتم إنصاف المتقاعدين بالمغرب، متخلى عنهم من نوع آخر ؟
محمد امغران