في إطار التدابير التي كانت قد اتخذتها الدولة المغربية لمواجهة تفشي كوفيد-19، وحفاظا على صحة المواطنين، من المفترض أن يكون تصنيع الكمامات الواقية من الثوب غير المنسوج خاضعا لإلزامية الامتثال للمعايير التقنية التي تحددها المواصفة المغربية NM ST 21.5.200.
وقد دخلت هذه الإلزامية حيز التنفيذ بعد نشر قرار وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي رقم 1060-20 المؤرخ في 8 أبريل 2020 بالجريدة الرسمية، الذي يلزم مصنعي وموزعي الكمامات الواقية من الثوب غير المنسوج ذات الاستعمال غير الطبي، أن يمتثلوا للمعايير التقنية المحددة في المواصفة القياسية المتعلقة بها، والتي أُعدّت بشكل مشترك بين كافة الأطراف المعنية.
ويخضع هذا القرار فعلا لنظام مرجعي إلزامي بالنسبة لكافة مصنعي وموزعي الكمامات الواقية، وهو يُمثّل قاعدة تضمن تتبع مسار المنتوج بشكل يسمح للوزارة بمباشرة مراقبة منتظمة للتحقُّق من مدى مطابقة الكمامات للمتطلبات التقنية. وبالتالي فإن أي إخلال بهذه المتطلبات يستتبع إعداد محضر في هذا الشأن ويُعرِّض المخالفين للمتابعة القضائية. والهدف المتوخَّى هو تزويد المواطنين بكمامات تستجيب لكافة معايير السلامة، وتسمح بالحد من انتقال الفيروس قدر الإمكان.
وطبقا للمرسوم، فإنه يتعين بالخصوص ان تكون الكمامات مصنوعة من البوليبروبيلين البِكْر، وأن تتكون من ثلاث طبقات متراكبة من ثوب غير منسوج قابلة للترشيح بالتصفية، بشكل يُمكِّن من تغطية أنف وفم وذقن المستعمل. ووفقا للخصوصيات التقنية التي يحددها المرسوم، ينبغي على سبيل المثال أن تكون أجزاء الكمامة المحتمل ملامستها لجلد مرتديها خاليةً من أي حافة حادة أو نُتُوءات مُؤْذِية. كما يجب ألا تنطوي على أية مخاطر معروفة من شأنها تهييج الجلد أو إحداث تأثيرات جانبية على الصحة، وبالتالي، فإن ثوب التصنيع يجب أن يكون خاليا من المعادن الثقيلة بحيث لا يعيق التنفس وأن يحول دون أي تهيج أو إثارة حساسية معينة للمستعمل.
وعلاوة على ذلك، فالقرار يُحدّد مختلف الجوانب المتعلقة ببيع واستعمال الكمامات والعناصر التي يتعين على المصنِّع احترامها بشكل يسمح بتتبع مسارها وتقييم مدى امتثالها لمستلزمات السلامة التي تخضع لها. ويؤكد القرار في هذا السياق أنه ينبغي تعبئة الكمامات المُسوَّقة للعموم في عبوات تضم 10 كمامات، وبالتالي فإنه يُمنع منعا كليا بيعها بالتقسيط أو في عبوة مفتوحة. كما ينبغي الإشهاد بمطابقة هذه الكمامات لشروط الجودة وأن تحمل البيانات التي تسمح بالتعرف على الُمصنِّع، مع إشارة:” هذا المنتوج لا يُصنف كمنتوج طبي”. وهذه الكمامات هي ذات استعمال واحد وغير قابلة لإعادة الاستعمال، كما ينبغي ألا تتجاوز مدة استعمالها 4 ساعات.
تعمدنا عن قصد التذكير بمضامين هذا المنشور الوزاري المتعلق باحترام مستلزمات السلامة الصحية للكمامات والتي تضمن بشكل قانوني الوقاية من انتشار وباء كورونا، جراء ما لاحظناه من انتشار وتداول واسعين في السوق المغربية لمجموعة من الكمامات بأشكال وألوان وماركات وموضات متعددة، بل وحتى كمامات ذات بعد دعائي لمصنعات تجارية من مختلف المجالات. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن حدود مراقبة هذا الكم الهائل في تنوع الكمامات، وتتبع مصادر إنتاجها، والجهات التي تقف وراءها خصوصا إذا ما علمنا أيضا أن الأمر تطبعه فوضى واضحة على مستوى نقط بيعها، حيث أنه أصبح بالإمكان اقتناؤها من الدكاكين التجارية والأكشاك المنتشرة بالطرقات العمومية، بل أنها أصبحت تباع بشكل عشوائي يدويا من قبل باعة متجولين يجوبون الشوارع.
إن الأمر على ما يبدو أشد خطورة وأكثر تهديدا لصحتنا الوطنية ما يطرح ويستلزم على وجه الاستعجال اضطلاع الجهات الصحية والأمنية المسؤولين عن صحتنا الوطنية بمهمة مجابهة هذه الفوضى والحد من تداعياتها التي قد تتجه بالوطن نحو كارثة محققة لا قدر الله.
• عبد الإله المويسي