تقديم:
تعكس هذه الحلقات نهضة علمية ثقافية بمدينة طنجة، من خلال مكتبة ابن حزم لصاحبها الفقيه الحاج محمد الشّيوة رحمه الله، الشهير بتواصله مع رجال العلم والثقافة ببلده، وتميّزه بالمعاملة الحسنة مع طلبة العلم… ونعرض هنا في هذه الحلقات أبرز المعالم المتعلقة بحياة العلم والعلماء والكِتاب من خلال سجلّ المكتبة الذي تحتفظ به أسرة الشّيوة إلى يومنا هذا.
تقدّمت الإشارة في العدد السّابق إلى دور المكتبة الحزمية في الحركة العلمية والثقافية بطنجة، وصمودها وسط عالم مختلف يحيط بجنباتها، فهي مدينة سياحية، ومتنوّعة، وتستقطب عدداً من الشّخصيات بمختلف اهتماماتهم، ورغم موقع طنجة الذي يعطيها طابعاً أوروبيا في الجملة، وما يموج فيها من أحوال وأهوال، فإنّها كانت حاضرة العلم والعلماء، وكان الكتاب الثقافي/الديني يفرض نفسه أيضاً، وزاد الأمر على ذلك، فأصبحت هذه المكتبة (مكتبة ابن حزم) قبلة لأهل العلم، ومقصداً للعلماء سواء الزائرين من الآفاقيين، أو المستقرّين منهم، ومن الشّخصيات التي زارت المكتبة وجلست إلى صاحبها (الفقيه محمد الشّيوة):
- محمد ناصر الدين الألباني.
- صبحي الصالح.
- روّاد الزاوية الصّديقية بطنجة كالسيد محمود سعيد ممدوح، والسيّد حسن السقاف، وغيرهما ممّن تربطه صلة العلم والمشيخة بطنجة.
مكتبة ابن حزم معاملة صاحبها لأهل العلم:
من خلال سيرة صاحب المكتبة والتي تعطينا صورة عن رجل العلم والكُتبي النزيه، الذي جمع إلى مقوّمات الثّقافة سموّ الأخلاق، وكريم الشّيم، فالرّجل من أهل العلم، وكان خطيباً بمسجد قرية (الخْرْبْ) بطنجة، وقد انعكست فيه أخلاق أهل العلم والفضل، ممّا جعل طلبة العلم بمختلف مستوياتهم يرتادون مكتبته، ويجدون لديه معاملة قلّ نظيرها اليوم في عالم الكتاب…
وبالرّجوع إلى كناشة المكتبة (الكنّاشة الحزمية)، التي تحتفظ بين دفتيها مجموعة من الأمور وتعطينا صورة واضحة عما كان يروج فيها وما تدره من الأرباح، ومعاملة صاحبها ونستخلص منها الآتي:
- حسن المعاملة: وتتجلّى في طريقة البيع والشّراء، والتّسهيل في هذه العملية، مع السّماحة المطلوبة من المؤمن في هذا الصّدد: (رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى).
- قناعته: وتتجلى في هامش الرّبح بعد عملية البيع، والقناعة باليسير عوض المطالبة بالكثير.
- توفير الكتاب: وهذا يعني أنّه كان له صلة وثيقة بكتبيي الدار البيضاء وغيرهم، فيوفّر لأهل العلم ما يحتاجونه من كتب في مختلف المشارب، وهي عملية زائدة عن عملية البيع، والاكتفاء بما هو موجود.
- الجمع بين البيع والشراء: من خلال هذه الكنّاشة نجد أن الفقيه محمد الشّيوة كان لصلته بأهل العلم، وقضاء مآربهم، والسّهر على توفير الكتاب لهم، يساعدهم أيضاً في بيع واستبدال ما يريدون بيعه واستبداله، وكل هذا من باب المرونة في التعامل، والتسهيل على طالب العلم، والمساهمة في إثراء وتسريع الحركة العلمية بيعاً وشراء…
- التعامل مع العلماء مباشرة: كان الفقيه محمد الشيوة صاحب مكتبة ابن حزم، يتعامل مباشرة مع العلماء، وكانوا يأتمنوه على كتبهم، ويفوّضوا له في الطريقة التي يراها مناسبة للبيع والشراء بدون واسطة بينهم، ونستفيد من هذا مكانة صاحب المكتبة عند الطبقة العالية من أهل العلم، وقربه منهم، وفيه شهادة ضمنية له بحسن سلوكه وتعامله، وبراعته في تخصّصه، ومن هؤلاء الأعلام الذين تعاملوا معه مباشرة، العلامة الأديب المؤرّخ عبد الله كنون رحمه الله، والذي كانت تربطه به علاقة وطيدة، ممّا جعله مرشّحاً ضمن عشرة أشخاص اختارهم الأستاذ كنون بأمر من الملك الحسن الثاني لأداء مناسك العمرة…، وهكذا كانت صلته مع العلامة المحدث السيد عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله، فكان يبيع مؤلفاته ومؤلفات إخوانه الأشقّاء، بكلّ نزاهة وثقة.
روّاد المكتبة:
وضع صاحب المكتبة الفقيه محمد الشيوة قائمة برواد مكتبته، والتي تضمّنت في الغالب من كانت صلتهم قوية بها، ونحن نذكرهم هنا للتاريخ وبترتيب الكناش، وهم السادة:
- أبي محمد الزمزمي.
- صهيب الزمزمي.
- عبد الباري الزمزمي.
- محمد الكوموط.
- الحسن بن الصديق.
- الصديق الإدريسي.
- الحسن الورديغي.
- منصور بنعجيبة.
- محمد العربي حجاج.
- السيد الموذن.
- محمد الورديغي.
- المختار التمسماني.
- محمد الكرفطي.
- إبراهيم بن الصديق.
- البشير الروسي.
- عبد الحي بن الصديق.
- عبد الحميد شبكودا.
- محمد العروسي.
- أحمد الإدريسي.
- الحاج دركال.
- العلمي الوسيني.
- عبد العزيز العيادي.
- محمد المختار العلمي.
- محمد بوخبزة.
- عبد الله التليدي.
- الفقيه العثماني.
- عبد الله بن الصديق.
- محمد أشرقي.
- محمد الحبيب التجكاني.
- مرتضى التّجكاني.
يتبع….
د يونس السباح